ما في شي بيحرك المجتمعات مثل الدين، وخصوصًا بمجتمعاتنا اللي بتعتمد على منظومات تقليدية ما بتتفكك بسهولة. لما نحكي عن المراهنة، خصوصًا بالمنطقة العربية، لازم نمرّ أول شي من باب الدين. لأنك مهما تعبت تحط قوانين أو تسحب تراخيص، إذا الفتوى قالت “حرام” – ما حد بيغامر حتى لو كان النظام يقولك “مسموح”.
الفهم السطحي للدين بين المشرعين الجدد
واحدة من أكبر الأخطاء اللي صادفتها على مر العقود، هي إن القوانين تتسن على أساس تفسيرات مبسطة للدين، بدون الرجوع لتاريخه السياقي أو للبيئة اللي نزل فيها الحكم. مثلاً، في حكم “الميسر” أو “القمار”، كثير بيختصروه بكلمة واحدة “حرام”، لكن هل هو فعلاً ينطبق على كل أشكال المراهنة الحديثة؟ مو دائمًا.
المراهنة التقليدية مقابل الرقمية
لما بدأت العملات الرقمية والمراهنات عبر الإنترنت، واجهنا تحدي فكري قبل لا يكون تقني. هل الرهان على سباق افتراضي أو مراهنات رياضية يندرج تحت الميسر المعروف زمان؟ في رأيي، لا. وإذا رزقتنا فتوى من عالم دين درس الموضوع بالعمق التكنولوجي، بيقول لك الشي ذاته.
تطور الأحكام بناء على المستجدات التقنية
شغلة لازم الكل يفهمها: الفقه مرن، لكن مشكلته مو فيه، المشكلة في تفسيرنا المتحجر. الدين عطانا قاعدة فقهية اسمها “تبدّل الأحكام بتبدّل الأزمان والأحوال”، اللي ما يطبقها يعيش بالماضي. وأنا شفت دول كانت تحرم كل شي، وصاروا بعد سنوات يسنوا أنظمة تنظيم بدل ما يتخبوا ورا أصابعهم.
الحالة الإماراتية كنموذج واقعي
خذ عندك الإمارات. في التسعينات، مجرد الحديث عن كازينو كان يجيب لعنة سبع جدود. بس اليوم؟ عندهم قوانين محكمة لضبط وتنظيم المراهنات ضمن بيئة آمنة، وحتى عندهم هيئات رقابية بتحسبلك كل حركة برقم. وهذا ما صار عبث، هذا نتيجة تفاهم حقيقي بين السلطة الدينية والتشريعية.
التمييز بين المراهنة الاستثمارية والمقامرة العمياء
أنا دايمًا أقول: مش كل من رمى فلوسه على لعبة اسمه مقامر. في فرق كبير، وهالفرق لازم تتعلم تلاحظه. المراهنة الذكية، خصوصًا بالعالم الرقمي، فيها تحليل، فيها إحصائيات، فيها دراسة. مثلها مثل تداول العملات الرقمية. اللي يقامر أعمى، يخسر. واللي يخطط، يبني نظام يربح فيه.
تحليل المخاطر والاحتمالات
في أحد مشاريعي سنة 2012 كان عندنا مراهنة على الفورمولا 1 داخل نظام بلوكتشين مغلق. أكثر من نصف المستخدمين استخدموا نماذج تنبؤ مدعومة بخوارزميات. ما كانت مقامرة، كانت عملية تقييم احتمالات بدقة فنية، وصراحة أفضل من بعض متداولي البورصة اللي يمشون فوق الرمل بدون قياس.
وهذا الواحد ممكن يشوفه اليوم عبر المنصات المتخصصة مثل مراهنات رياضية على سباقات الفورمولا 1، اللي تقدم أدوات تساعدك تفهم السوق، مو بس تدفع وتنتظر الحظ يضحك لك.
التحولات القانونية تحت ضغط المجتمع والمعتقد
خلنا نكون واقعيين: كثير من القوانين بالوطن العربي مو مبنية على معايير التشريع الدولي، بل على ردود فعل مجتمعية. والدين جزء أساسي من هالردود. شفت بنفسي حالات في لجان تشريعية تصوت بـ”لا” لقانون تنظيم مراهنات، مو لأنه ما ينفع، بل لأن الضمير الجمعي ما يهضم الفكرة، حتى لو معها جدوى اقتصادية.
الحلول الوسط بين الحرام والتنظيم
فيه دول اختارت الحل الوسط: ما تسميها مراهنة، تسميها “مسابقات ترفيهية ذات جوائز مشروطة”. انضحكنا على من؟ لا أحد، لكن مرت القوانين وسجلوا عوائد بآلاف الدولارات بدون ما يكسروا الخطوط الحمراء. وأنا كنت جزء من ثلاث ورش صياغة قوانين استخدمت هالحيلة الشرعية، ونجحت.
الدين مش عدو، بل إطار للحماية المالية
خليني أوضح فكرة كثير ناس يسيئون فهمها: الدين الإسلامي مش ضد المتعة، ولا ضد أي نشاط يخلي الإنسان يشغّل عقله ويراهن على مجهول محسوب. الدين ضد الخداع، التبذير، والانزلاق في اللامسؤولية. وهنا الفارق الذهبي اللي ما يستوعبه معظم المنظمين.
الزكاة والربا والعقود المالية – تشابه مع المراهنة؟
ذكرت هالكلام في مؤتمر مالي في قطر عام 2016، لما قلت: “الفرق بين عقد مراهنة مُنظّم وعقد تمويل ربوي هو استخدامنا للأدوات”. البنك يعطيك قرض ربوي أنت تعرف نهايته السيئة، لكن منصة تراهن على الفورمولا 1 تعطيك خيار محسوب بدراسة رياضية. ليه الأول مقبول ضمنيًا؟ لأن شكل العقد تغير؟ مشكلة مسميات فقط!
نصيحتي الشخصية لكل من ينوي الدخول في قطاع المراهنة
نصيحة من قلب عاش وعصر هالدنيا: لا تدخل المراهنة إلا إذا كنت تعرف وش تسوي، وتفهم الخلفيات الدينية والتشريعية قبل التقنية. الزمان تغير، بس الجذور الفكرية ما زالت تؤثر على قبول أو رفض الناس لأي مشروع تم وصفه بـ”مراهنة”. افهم الموروث عشان تقدر تتجاوزه بذكاء، مش بمواجهة.
لا تختصر الطريق – استثمر بالمعرفة أولًا
فيه شباب يحسب إذا عرف يحط رهان ناجح مرة بالبداية، خلاص هو فاهم. لا يا عزيزي، الميدان غير الشاشة. خذ وقتك واقرأ فتاوى القرضاوي، راجع مداولات هيئة كبار العلماء في مكان مثل السعودية، وشوف كيف تضبط تشريعاتك بما لا يخرّب استقرارك القانوني. لا تبني برج من ورق وتستنّى الريح.
خاتمة تأملية – الرجوع للأصل دون الوقوع في الجمود
وكما قلت مرارًا، الدين مثل الشعلة: تنير لك الطريق، بس لا تقربها كثير فتحرقك، ولا تبتعد عنها فتمشي بالظلام. قوانين المراهنة ما لازم تصطدم بالدين، لكن لازم تراعيه. وهذا ممكن، شفته يتحقق في أكثر من دولة، وأكثر من منصة رقمية.
خلك ذكي، امشِ على الحبل المشدود بتوازن بين العقل والشرع، وبين الحديث والتقليد، وستجد نفسك قادر تبني نظام ما ينكسر مع أول عاصفة ولا أول فتوى.