خلني أعلمك شيء ما يقال كثيراً بصوت عالٍ وسط دوشة العملات الرقمية والكازينوهات على الإنترنت: السعودية تسير بخطى مُحسوبة، مدروسة، وذكية جداً في مسألة الضرائب على أرباح المراهنة. البعض يظن إن ما دام النشاط غير قانوني بوجه عام، فالموضوع ما له علاقة بالضرائب. لكن دعني أفتح لك الباب لزوايا ما تُرى بسهولة.
الفهم الخاطئ الشائع: “طالما المراهنة غير قانونية، ما في ضرائب”
هذي من أكبر الزلات اللي يقع فيها المبتدئين. يعتقدون إن النظام الضريبي السعودي يوقف عند حدود القانون الجنائي، لكن الحقيقة مختلفة. النظام الضريبي، وخصوصاً مع تطور التعاملات الرقمية، يهمه مصدر المال، تدفقاته، واستخداماته، بغض النظر عن مدى قانونيتها سلوكياً.
في بعض الحالات اللي عملنا فيها مراجعات مالية لأفراد اشتركوا في مراهنات خارجية من منصات رقمية، ظهرت تدفقات مالية مشبوهة. النظام المالي السعودي ما يرحم — تُفحص حركة الحساب إذا ظهرت عليها طفرات مريبة، وخاصة من جهات أجنبية.
الفرق بين التهرب الضريبي والتعامل غير الرسمي
شوف، التهرب الضريبي يعني إنك عندك التزام تدفع ضريبة، واخترت تتجاهلها. أما في حالة المراهنة، الوضع أعقد شوي. لو تم اعتبار أنك تجني مال حقيقي وبشكل دوري من المراهنات، فقد ينظر إليك النظام كمشروع تجاري غير مرخص. وهنا الخطر أكبر — تدخل في منطقة غسل الأموال وتضارب المصالح.
المراهنة وآثارها التشريعية في المملكة
السعودية ما تتعامل مع المراهنة على إنها مجرد فعل غير أخلاقي. لا يا عزيزي، الاستراتيجية السعودية قائمة على منع النشاط بالأساس باستخدام نظام تشريعي مالي دقيق بجانب الحجب الإلكتروني.
ربما تسأل: إذاً، كيف يتم تتبع أرباح المراهنة؟
أساليب الرقابة عبر البنوك الرقمية والبنوك الأجنبية
إذا كنت تستخدم بنك رقمي خارجي أو منصة تداول عملات مشفرة لاستلام الأرباح، ترى الهيئة المالية السعودية صارت تشوف هالتحركات بدقة غير طبيعية. في وحدة متخصصة تراقب تدفقات العملات الرقمية، خصوصاً اللي تأتي من مناطق عالية الخطورة في سوق المراهنة.
والله ما أنسى أحد العملاء اللي اتصل علي مرتبك بعد تجميد حسابه، يقول: “ما سحبت إلا 12 ألف ريال من كازينو أوروبي!”، بس البنك السعودي شك بتحويل العملة الرقمية لـ SAR بخطوة واحدة!
وهذا يا صاحبي سببه قوانين القوانين والتنظيمات السعودية اللي تطورت بحيث تشوف داخل خريطة المال قبل لا يوصل لك.
ضريبة القيمة المضافة وتأثيرها غير المباشر
قانونياً، ما في شيء ينص على تطبيق ضريبة مباشرة على أرباح المراهنات، والسبب بسيط: المراهنة أصلاً ممنوعة رسمياً. لكن! لما تستخدم أرباحك في شراء عقار، سيارة، أو أية خطوة تُظهر ثروة، ينقلب السيناريو.
المؤسسات المالية، خصوصاً البنوك وشركات التمويل، صارت تطلب تبرير مصدر الأموال. مرة شاب صغير جاني يستشيرني، أعاد تحويل 80 ألف ريال من منصة مراهنات بره البلاد وراح يشتري بها سهم في مشروع عقاري. انصدم لما البنك طلب وثائق تثبت مصدر الدخل.
سلسلة التحقق المالي التي تُفعّل تلقائياً
دعني أقولها لك بوضوح وخبرة: أول ريال يدخل من مصدر مشبوه كالمراهنات غير النظامية، يفتح سلسلة تحقق تبدأ من البنك، تمر بمؤسسة النقد، وتنتهي أحياناً في التحقيق الجنائي. والضريبة؟ قد تطلع عليك من حيث لا تتوقع، تحت بند “استغلال أموال مكتسبة” بدون مصدر مشروع.
العملات الرقمية والضرائب: لعبة على خيط شعرة
لو قلنا إن البنوك التقليدية صارت تشم ريحة مراهنات حتى في الحوالات، فالعملات الرقمية أكثر تعقيداً. كثير من اللاعبين يستخدمون منصات مثل Binance أو Kraken لتحويل أرباح المراهنة البيتكوينية إلى ريالات. وش يصير وقتها؟
السعودية تعرف أكثر مما تعتقد
الخطأ اللي يقع فيه الأغلب هو التفكير بأن “بلوكتشين شفافة، لكن لا أحد يعرف أني فلان”. وهذا وهم كبير! مع اتفاقيات KYC الإلزامية، ومع تفعيل منصات تتبع سلسلة الكتل مثل Chainalysis، صارت الجهات التنظيمية قادرة تربط عنوان محفظتك بهويتك الحقيقية بكل سهولة.
أنا تعاملت مع حالة خاصة في 2022، فيها شخص باع 3 NFTs وربح منها لـ 9,000 دولار، استخدم جزء منها للمراهنة في كازينو خارجي، ثم سحب الربح وحوله للريال؛ بعد أقل من 3 أشهر، استُدعي للتحقق من مصدر الدخل في الهيئة الزكوية والدخل!
هذا يشرح لك ليش حتى أرباح المراهنة الرقمية، رغم أنها غير معترف بها قانونياً، تُطبَّق عليها ممارسات فحص مالي توازي الضرائب الفعلية، خاصة عند إعادة صهرها في الاقتصاد المحلي.
الحلول وبناء استراتيجية ذكية
إذا كنت مصر على خوض عالم المراهنات — رغم أني ما أشجعك مثل أولادي — فالأفضل إنك تكون على وعي كامل بالمخاطر المالية والتنظيمية، وتتعلم كيف ترسم حدود قانونية لنفسك حتى لا تقع في المشاكل فجأة.
افصل الأموال وراقب الحركة
خل محفظة خاصة لكل نشاط، وتجنب تداخل الأرباح مع حسابك البنكي السعودي مباشرة. استخدم أدوات تتبع لتعرف كم دخل وكم خرج، وسجل كل شيء لأن وقت المساءلة ما يفيدك العذر المعتاد: “ما كنت أدري”.
وبإذن من خبرتي، لا تحول أرباحك دفعة وحدة للسعودية، خل عملية التحويل تكون تدريجية، ضمن نطاق مقبول، وما تربطها بمشتريات كبيرة.
الرؤية الضريبية المستقبلية في السعودية
شخصياً، ولو أن البعض زعل لما قلتها، أتوقع السعودية راح تدخل عالم الضرائب على الاقتصاد الرمادي مثل المراهنات الرقمية خلال السنوات القادمة، لكن بطريقة غير مباشرة مثل فرض رسوم على المعاملات الإلكترونية ذات المصدر غير المبرر.
شفنا بدايات هذا التوجه في تنظيمات العملات المشفرة، والآن في نظام “نظام الشركات الحديثة”، واللي يشترط الإفصاح الكامل عن الشركاء ومصادر الدخل. هذي خطوات واضحة إن الدولة تجهز نفسها لفرض رقابة مالية أكثر صرامة.
إذاً، هل سترى يوماً ضريبة مراهنة رسمية؟
لا أراها على المدى القريب. طبيعة السعودية ومرجعيتها الدينية تجعل احتمال تشريع المراهنة ضئيلاً. لكنه ليس مستحيل من باب تحصيل رسوم غير مباشرة عند دخول الأموال عبر منصات رقمية.
يعني يمكن ما نشوف “ضريبة اسمها ضريبة مراهنات”، لكن بنشوف آليات تطبيق تُجبرك على دفع نسبة من الأموال كمصاريف تخليها كأنك دفعت ضريبة فعلية.
حكمة الختام: افهم قبل أن تُخاطر
أقولها دائماً لكل من يدخل هذا العالم: المال السهل غالباً يجي مع تبعات ثقيلة. إذا كنت تلعب بالنار، على الأقل تعرف درجة اشتعالها وتركب واقي حراري كويس.
أنا ما جالس أعظ، بل أشاركك خلاصة سنين من العمل مع أفراد واجهوا تجميد الأموال، استدعاءات تحقيق، وحتى تهم غسل أموال فقط لأنهم ظنوا النظام لا يرى ما لا يُصرّح عليه.
ما ألومهم، لكن أقول لك وأكرر: افهم النظام، راقب تحركاتك، واحسب خطواتك قبل لا تقع. السعودية ما تسأل من وين جا المال فقط، بل تسأل “ليش جا بهذه الطريقة؟”
ولما تجي تسألني: “أقدر أكسب من المراهنة وما أتورط؟” أقول لك: ممكن، بس تحتاج خرائط دقيقة، ونفس طويل، وخبرة تمشيك في المتاهة بدون تترك أثر. وغير كذا، أنت تمشي فوق حبل مشدود في ليلة عاصفة.